التصنيفات
حول الحركات

الجزء الخامس\ الشطر الأول الكنيسة كنظام حيوي دائم التوسّع

الجزء الخامس\ الشطر الأول الكنيسة كنظام حيوي دائم التوسّع

بقلم تريفور لارسن –

“هل يمكنك أن تشاركنا كيف رأيت هذا النوع من الخدمة ينتقل من المجموعات إلى كنائس العهد الجديد؟”

قبل أن بدأنا هذه الخدمة، بحثنا في الكنائس التقليدية التي كانت موجودة في البلد أو الثقافة التي كنّا نود أن نكرز وسط شعبها؛ الشعب الذي قمنا ببحتنا هذا فيه كان يبلغ عدد سكانه مليون نسمة. كنا نريد الانضمام إلى أي كنيسة عادية مألوفة تخدم لكي توصل الأخبار السارّة إلى المسلمين. وجدنا 22 كنيسة كائنة. كانت بعض هذه الكنائس غير مسجلة عند السلطات المحلية في البلد. البعض منها لم يكن لديهم مبان للاجتماع. كان لكل منهم ما بين 15 و100 مؤمن عضو. توقعنا أن نجد بعض الكنائس ولو عدد قليل تقوم بخدمة فعالة للوصول إلى المسلمين المحليين. لكننا في الحقيقة لم نجد أي كنيسة تقليدية تصل إلى المسلمين المحليين.

أفضل ما وجدناه هو ثلاث كنائس من أصل 22 كنيسة، كل واحدة من تلك الكنائس الثلاث أضافت ما معدله ثلاثة مؤمنين من خلفية إسلامية خلال السنوات العشر الماضية. كانت كل كنيسة من الكنائس الأخرى مثل قلعة معزولة أو جزيرة بعيدة. الناس أعضاء تلك الكنائس كانوا قد جاءوا من مناطق أخر ذات أغبية مسيحية، ومعظم الكنائس إما لم تكن من غالبية مجموعات الناس الذين لم يتم الوصول إليهم، أو أن عائلاتهم قد كانوا قد أمنوا بالمسيح قبل 30 عامًا. شعرت بخيبة أمل عندما اكتشفت عدم فعالية خدمة أي من الكنائس التقليدية في الوصول إلى السكان المحليين. معظمهم لم يحاولوا ذلك حتّى، لأنهم كانوا يخشون أن تُحرق كنائسهم.

وجدنا أن الكنائس الثلاث اللواتي كُنَّ يحصلن على القليل من الثمار من السكان المحليّين، كانت جميعها كنائس غير رسمية وغير مسجلة لدى السلطات المحلية. لم يكن لأي منهم مباني. اكتشفنا أن أحد العوامل الأكثر فاعلية للوصول إلى المجوعة البعيدة هو عدم وجود مبنى. إذا كان على السكان المحليين دخول مبنى للكنيسة، فهذا يكون بمثابة عقبة كبيرة أمام التلمذة. عدم وجود مبنى للكنيسة هو بالضبط عكس كل كنيسة تقليدية في بلدنا. اكتشفنا أن قادة المجتمع وقادة القبائل كانوا يشعرون بالخزي إذا شارك شخص ما القرية في اجتماع كنيسة رسمية. لكن العديد من قادة المجتمع تسامحوا مع التجمعات غير الرسمية للأشخاص الذين كانوا يناقشون الكتاب المقدس، خاصةً إذا كانت المجموعة صغيرة وغير مثيرة للشكوك. كان هذا شيئًا غريبًا، لكنه كان أحد النقط الكبيرة التي تعلمناها من خلال دراستنا الميدانية.

أنا أقوم بتدريس الكتاب المقدس في المعاهد الكتابية. كثيرا ما أعلم الأناجيل وسفر أعمال الرسل. لقد أجريت الكثير من الأبحاث حول الكنيسة الأولى في الكتاب المقدس وحاولنا اتباع الأنماط الموجودة في سفر أعمال الرسل. أبحاثنا الكتابية وتجربتنا التي اكتسبناها من الخدمة الروحية في الحقل ساعدونا في صقل “كنيستنا التي بلا جدران”. اكتشفنا أن الكنائس لم يكن لديها مبانٍ خلال الـ 200 عام الأولى، واكتشفنا أنماطًا أخرى كانت تلك الكنائس الأولى تتبعها.

ما هي “الكنيسة”؟

عندما يصف معظم معلمي الكتاب المقدس الكنيسة بأنها محلية، فإنهم يقصدون وجودها في مبنى واحد، لكن لا يمكن أن نجد هذا لتركيز على المبنى في الكتاب المقدس. كانت الكلمة التي تُترجم عادةً على أنها “كنيسة” هي كلمةekklēsia ، والتي تعني “مجموعة” أو “تجمُّع”. تم استخدام كلمةekklēsia  لوصف تجمع أتباع يسوع المسيح، كما تم استخدامها لوصف حشد من الناس يجتمع في مكان واحد. كان مصطلحًا مرنًا يمكن أن يكون له معان مختلفة. تم وصف الكنيسة المحلة (ekklēsia) في الكتاب المقدس بثلاث طرق: أولاً، المجموعات الصغيرة من المؤمنين الذين يجتمعون في المنازل تسمى  ekklēsia. في بعض الأحيان، كانوا بعض المؤمنين يجتمعون في مجموعات صغيرة داخل البيوت ولكن لم يتم استخدام كلمة إكلسيا لوصف المجموعة، ولم يتم استخدام هذه الكلمة كل مرة بوصف أي مجموعة من المؤمنين. نقرأ في الكتاب المقدس أنه في بعض الأحيان ينضم إلى التجمع أشخاص لم يؤمنوا بعد بالمسيح.

ثانيًا، كانت هناك تجمعات لكل المجموعات الصغيرة المرتبطة فيما بينها في مدينة أو منطقة صغيرة. كانت هذه لمجموعات من تجتمع في البيوت، ومع ذلك كانت تسمى أيضًا كنيسة واحدة؛ على سبيل المثال، كنيسة روما الواحدة. كانت كل التجمعات البيتية الصغيرة في المدينة وحولها عبارة عن كنائس بيتية، لكنها أيضًا تشترك في الهوية ككنيسة واحدة في روما. ينتمي المؤمنون الأفراد إلى كل من الكنيسة البيتية وكنيسة المدينة التي تشمل كل المجموعات الأخرى. نحن نفترض أن كنائس المدينة الجماعية لم تكن مخصصة للمدن فقط؛ يمكن أن تصف أيضًا مجموعة في جهة جغرافية صغيرة.

في كتاب House Church and Mission “الكنيسة البيتية والإرسالية”، يقتبس روجر جيرينج (Roger Gehring) جميع اكُتاب القرون الأولى حول هذا الموضوع. يصف كيف ساهم هيكل الكنيسة البيتية في تقدم الإنجيل، وربطه بمجموعات المدينة. في زمن العهد الجديد، كان لكل من مدينة روما وكورنثوس (على سبيل المثال) خمس تجمعات أو أكثر في البيوت. كانت هذه الكنائس بيتية، كان كل اجتماع يكون في بيت مختلف. إذن عندما نستخدم مصطلح الكنائس المحلية، هل نعني الكنائس البيتية؟ أم أننا نعني الكنيسة المحلية الواحدة في روما (أي كل الكنائس البيتية المرتبطة في تلك المنطقة)؟ لأن كنيسة روما كانت عبارة عن مجموعة من عدة كنائس بيتية. تشير كلمة ekklēsia بطريقة مَرِنة إلى كلا النوعين من الكنائس المحلية في الكتاب المقدس. نحن على دراية بكنيسة المدينة في كورنثوس، لأنه في ذلك الوقت كانت الكنيسة لا تزال صغيرة بما يكفي لكي يجتمع معظم المؤمنين في منزل واحد كبير جدًا.

سرعان ما أصبح من المستحيل أن يجتمع كل المؤمنين أعضاء كنيسة المدينة في مكان واحد. على سبيل المثال، نقرأ في أعمال 4: 4 عن إيمان 5.000 رجل بالمسيح. هؤلاء الرجال كانوا أرباب أسر، لذلك إذا قمنا بحساب الزوجات والأطفال، والأقارب والخدام الآخرين الذين عاشوا في منازل هؤلاء الخمسة آلاف رجل، سنجد أن هناك 15 ألفًا أو 20 ألفًا مؤمن في الكنيسة. كم عدد الكنائس البيتية التي كانت موجودة في ذلك الوقت؟ يقدّم لنا كتاب “الكنيسة البيتية والإرسالية” بحثا ودراسة للهندسة المعمارية لبيوت ذلك الزمان. كانت أكبر غرفة في معظم المنازل بحجم غرفة نوم صغيرة اليوم، وحتّى منازل الناس الأثرياء كانت فيهم غرف ومساحات محدودة. من خلال بحثGehring ، نُقدِّر أن متوسط ​​عدد الأشخاص لكل كنيسة بيتية يتراوح بين 15 و 20 شخصًا. دعونا نستخدم العدد التقريبي معتبرين أن كل كنيسة بيتية كانت تضم 20 مؤمنًا وكذلك نعترف أن المدينة كلهّا كان فيها 20.000 مؤمن. هذا يعني أنه كانت هناك 1.000 كنيسة بيتية في أورشليم حسب أعمال الرسل 4: 4، في السنوات الثلاث الأولى فقط من بدأ الحركة الروحية في مدينة أورشليم. وقد حدث المزيد من النمو مابين الفصل 1 من أعمال الرسل والفصل 21. فمن الذي قاد هذه الكنائس البيتية البالغ عددها 1.000؟ كان الرسل الاثني عشر يشرفون على هذه الكنائس، لكن كان من المستحيل عليهم قيادة ولو 100 كنيسة من بين 1.000 كنيسة بيتية. يجب أن تكون هناك 900 كنيسة منزلية على الأقل تحت قيادة مؤمنين جدد، تحت إشراف شيوخ كنيسة المدينة.

لقد سمعت أشخاصًا يقولون إنه لا توجد حركات في الكتاب المقدس، وأن جميع التجمعات يجب أن يقودها مؤمنون ناضجون. لكن من الواضح أن ادعاءاتهم لا تستند على الكتاب المقدس. أحاول ألا أكون صريحًا بطريقة مزعجة وأقول: “حقًا؟ ألا تتأمّل فيما تقرأه في الكتاب المقدس؟ لابد من وجود حركة تضم ما لا يقل عن 1000 مجموعة مؤمنة في غضون ثلاث سنوات فقط في مدينة أروشليم!”. وتشير الأدلة الكتابية إلى ست حركات أخرى في مناطق مختلفة في ذلك العصر. لا يمكننا قراءة الأدلة الكتابية وبعد ذلك نتجاهلها. يجب أن يكون فهمنا لـ “ekklēsia” أو “الكنيسة” قويًا بما يكفي لاستيعاب جميع المعلومات التي يقدّمها لنا الكتاب المقدّس. واحدة من أوقوى الملاحظات حول “الكنيسة” في سفر أعمال الرسل هي طبيعتها الحيوية التوسعية. فهي تستمر في النمو وتستمر في تكوين فروع وهياكل جديدة لاستيعاب النمو وربط النمو الجديد بالنمو السابق في ekklēsia كنظام حيوي يتوسّع. الكنيسة الكتابية تكون في البيوت وهذه الكنائس البيتية تكون مرتبطة معًا ككنيسة مدينة.

تستخدم كلمة ekklēsia أيضًا لوصف كنيسة الجهة: الكنيسة في منطقة اليهودية، الكنيسة في السامرة، الكنيسة في غلاطية والكنيسة في مَكِدونية (مقدونيا). كانت هذه مقاطعات رومانية، ولا يمكننا أن نتخيل أن كل المؤمنين في كل مقاطعة يجتمعون معًا في مكان واحد. لم تكن هذه الكنائس “محلية” بالمعنى الحرفي أي وجهاً لوجه، ولكنها كنائس لم تكن عالمية بالمعنى المفاهيمي الواسع. لقد تقاسموا الهوية مع المؤمنين الآخرين في مقاطعتهم. هذا هو الحجم الثالث الذي نراه في هذا النظام الكنسي. لتوضيح الأمر بأكبر قدر ممكن، كانت الكنيسة في العهد الجديد عبارة عن خليط من الكنائس الصغيرة في المدينة ومجموعات المؤمنين في المقاطعة أو الجهة، هؤلاء المؤمنين رأوا أنفسهم مرتبطين بالمجموعات البيتية الأخرى (سواء كانت هذه المجموعات كبيرة أو صغيرة)، كانوا إخوة واخوات. كانت هذه الكنائس بلا جدران، واستمروا في التوسع.

قادة الكنائس

وماذا عن القادة؟ كان هناك فريق واحد من الشيوخ يشرفون على كنيسة المدينة بأكملها التي يبلغ عدد سكانها 20 ألفًا في مدينة أورشليم. أكيد أنه كان هناك 1.000 قائد لم يتم الكشف عن أسمائهم في كل كنيسة بيتية. لكن كانت الخدمة تفوق طاقة الرسل الاثني عشر في زمان أعمال الرسل 6. لم يكونوا قادرين على مواكبة احتياجات القيادة، هذه الاحتياجات النمو مع توسع الكنيسة. لذلك عندما غمرتهم احتياجات الأرامل وظهور النزاعات، أضافوا نوعًا ثانيًا من القيادة للتعامل مع قطاع معين من الخدمة. فريق القيادة الثاني هذا، المؤلف من رجال تم اختيارهم بناءً على مؤهلاتهم الروحية، تعامل مع القضايا العملية والعلاقاتية والروحية في خدمة الأرامل. كانت الكنيسة تضم مئات الأرامل في ذلك الوقت.

وكمثال ثانٍ، قرأنا عن شيوخ كنيسة أفسس، الذين كانوا يشرفون أيضًا على كل الكنائس البيتية المرتبطة فيما بينها في منطقة أفسس. نحن نعلم أن المؤمنين في تلك المنطقة أحرقوا العديد من كتب السحر بشكل جماعي. قُدرت قيمة. الكُتُب بـ 50.000 أجرة يومية: يعني حوالي 10 ملايين دولار أمريكي إذا قمنا بتحويلها إلى قيمة الدولار سنة 2021. لهذا يمكننا أن نقدّر أن عدد المؤمنين في مدينة أفسس كان 10.000 مؤمن تقريبًا. كان شيوخ أفسس يشرفون على ما يقارب من 500 من قادة المجموعات الصغيرة.

ملخص ما يعلمنا الكتاب المقدس عن الكنيسة

يجب أن يستوعب فهمنا لـ ekklēsia جميع المعلومات التي يعطينا إياها الكتاب المقدس حول نظام التوسّع السريع للكنائس البيتية المرتبطة فيما بينها، وحول مجموعات كنائس المدينة، ومجموعات المنطقة بأكملها.

  1. طبيعة الكنيسة في سفر أعمال الرسل هي أن تتوسع بسرعة، وقد أدى هذا إلى ظهور آلاف المؤمنين في العديد من المناطق في وقت الرسول بولس. في الوقت الحاضر، يستخدم الكثيرون مصطلح الحركة لوصف المجموعات التي تنمو وتصل أكثر من 1.000 مؤمن.
  2. الاجتماعات المباشرة في الكنيسة كانت في كنائس بيتية غير رسمية. لم يتكن هناك مباني كنسية لمدة 200 عام، لذلك نحن نعلم أن الخدمة القائمة على بناء الكنائس المستقرة اليوم لم تظهر في القرنين الأولين. لكن من المحتمل أن تكون مجموعات المؤمنين في الجهة المحلية تعرف المجموعات الأخرى والمؤمنين ويزورون المؤمنين الأخرين من المجموعات الأخرى المختلفة، ويدعمون بعضهم البعض كأخوة وأخوات. نرى إشارات إلى هذا النوع من خدمة العلاقات المتبادلة في رومية 16 وكولوسي 4.
  3. عندما نمت كنيسة المدينة، كان أعضاؤها يشتركون في هوية مشتركة، على الرغم من أنها توسعت ولم يجتمعوا وجهاً لوجه في مكان واحد. كينوا يجتمعون وجها لوجه مع مجموعة صغيرة.
  4. لا بد أن العديد من الكنائس المنزلية كان يقودها مؤمنون جدد في الكنيسة الأولى التي كانت تتوسّع بسرعة.
  5. فريق من الشيوخ يشرفون على المجموعة المتكونة من الكنائس البيتية المتّحدة تحت سلطة كنيسة المدينة (ومن المحتمل أن يشمل هذا إشراف شيوخًا على كنائس الجهة في المناطق الريفية أيضًا).
  6. على الرغم من طريقة تسيير الكنائس اليوم، لا نجد أي أمثلة كتابية عن أي كنيسة من أي حجم يقودها راعي قس واحد، على الرغم من أنه يمكن أن نتخيل أن بعض الكنائس البيتية الصغيرة كان يقودها شخص واحد.
  7. يتم تشكيل فريق من الشيوخ لكل كنيسة قبل مرور عام على الكرازة الأولى بالإنجيل في المنطقة. أعمال الرسل 14: 33 تقدم دليلاً واضحًا على ذلك. فقد قام الرسولين برنابا وبولس بتعيين شيوخ في كل كنيسة أثناء رحلة عودتهما من رحلتهما التبشيرية الثانية. قاما بتأسيس فريق من الشيوخ فوق كل كنيسة، اختارا الشيوخ من بين المؤمنين الجدد الأكثر نضجًا. لم يتأخر اختيار الشيوخ لأكثر من عام واحد من بدء الكنيسة. كنيسة أفسس التي كانت كنيسة ناضجة روحيًا، والتي كانت قد تأسّست لفترة طويلة، حذّرها الرسول بولس من اختيار فرز مؤمنين جدد وتعيينهم في مسؤولية الشيوخ (تيموثاوس الأولى 3: 6)، لكننا لا نرى هذا التحذير في قائمة مؤهلات شيوخ كنيسة كريت التي كان أكثر اضطرابًا (تيطس 1). لذلك لا بد أنه تم اختيار الشيوخ الأكثر نضجًا في المناطق التي فيها كان الناس يؤمنون بالمسيح لأول مرة، المناطق التي لم يصلها الإنجيل بقوة بعَد. اختار الفريق الرسولي أكثر الأشخاص المؤهلين المتاحين في المنطقة لكي يشرفوا على الكنيسة، لكنهم أيضًا اختاروا فريقًا من الشيوخ لكي يساعدوا بعضهم البعض على النمو.

تطبيق الأنماط الكتابية بين الشعوب المعاصرة التي لم يصلها الإنجيل 

في المناطق التي فيها أغلبية مسلمة، معظم مجموعات المؤمنين الصغيرة يبلغ متوسط ​​عدد المؤمنين في فقط خمسة مؤمنين. عندما يزيد حجم مجموعات المؤمنين الصغيرة عن ثمانية مؤمنين، فإنهم يواجهون المزيد من المخاطر الأمنية داخل مجتمعاتهم. لكن هؤلاء المؤمنين الجدد يشاركون الإنجيل بكل فرح مع الآخرين، الذين يريدون بعد ذلك الانضمام إلى المجموعات المحلية. لذلك يبدؤون مجموعات جديدة بدلاً من السماح لهم بالانضمام إلى المجموعات الموجودة التي قد تصبح كبيرة جدًا. عندما تتكاثر هذه المجموعات الصغيرة المرتبطة وتصل إلى الجيل الثالث أو الرابع، فإننا نطلق على 10 مجموعات مرتبطة فيما بينها اسم تكتّل الكنيسة (مثل كنيسة المدينة الصغيرة). هنا يتم تعيين الشيوخ. كل مجموعة صغيرة لها قائد، يكون هو الأكثر نضجًا بين المؤمنين الخمسة الذين يتجمعون. لا يتعين على قادة المجموعات الصغيرة أن تكون لديهم مؤهلات وشروط الشيوخ، ولكننا نريد أن يكون قادة تكتّل الكنيسة شيوخًا كتابيّين.

يلتقي جميع قادة المجموعات المتحدة تحت كتلة الكنيسة معًا في مجموعة القادة. فهم يقومون بدراسة المقاطع الكتابية لتخيين الشيوخ: 1 تيموثاوس 3، تيطس 1، وأعمال 6. ثم يقرر قادة المجموعات أي منهم لديهم المؤهلات ليصبحوا شيوخًا من أجل قيادة الكنيسة. نريد أن يكون هناك ما لا يقل عن ثلاثة شيوخ يشرفون على تكتل الكنيسة، لأننا نرى وجود فُرُق من الشيوخ يشرفون على الكنائس في الكتاب المقدس، ولكن في بعض الأحيان نجد فقط اثنان من الشيوخ فوق تكتّل الكنيسة، وأحيانًا أخرى نجد خمسة شيوخ. لا نريد راعيًا واحدًا فوق تكتّل الكنيسة، لأننا لا نجد هذا النمط ذلك في الكتاب المقدس.

هل الأنماط الكتابية للكنيسة التي رأيناها في أوّل 200 سنة أصبحت فقط تاريخا منسيًّا طغت عليه تقاليد الكنيسة منذ ذلك الحين؟ أم أن هذه الأنماط ترشدنا لتطوير نموذج يتكيف مع كل سياق معاصر؟ نعتقد أن بولس وضع أنماطًا يجب أن نتبعها. هذا لا يعني أنه لن يكون هناك استثناء أبدًا لنمط الشيوخ، لكننا لا نجد أي استثناء في أيام بولس. نريد التركيز على تكرار تلك الأنماط الكتابية قدر الإمكان. يقول بعض الناس غعن المؤمنين الجدد: “لا يمكن أن يكونوا مؤهلين ليكونوا شيوخًا بعد!” من يستطيع أن يُخبِر بولس أن ما كان يفعله لم يكن كتابياً؟ الرسول بولس عيّن شيوخًا في كل كنيسة، في فترة أقل من عام بعد سماعهم للإنجيل.

نحن لا ندرك التأثير القوي لتجربة ونمط كنيستنا الخاصة على نظرتنا للكنيسة بشكل عام. نحن لا ندرك أن تقاليد الكنيسة قد تطورت، وعندما تتلاءم أفكارنا مع الأنماط الكتابية، فهذا أمر جيد، ولكن قد تكون هناك طرق أخرى تتماشى أكثر مع الأنماط الكتابية. يتمثل أحد الأنماط الكتابية في تشكيل فرق من القادة في السنة الأولى التي تبدّا فيها الكنيسة بالتوسّع. هذا أكثر أمانًا من وجود راعي أو قسّيس واحد فقط. لأنه إذا كان هناك ثلاثة شيوخ، فكل واحد منهم لديه نقاط ضعف وقوة. يمكنهم المساعدة في تقليل تأثير نقاط ضعف بعضهم البعض، ومساعدة بعضهم البعض على النمو في المساءلة المتبادلة. أنا متحمس لهذه النقطة. هذه مشكلة كبيرة في الحركات: كيف يمكننا أن نستمرّ في تعيين فرق قادة جُدُد بينما يستمر الإنجيل في جلب ناس جُدد للكنيسة، وكيف يمكننا مساعدة هؤلاء القادة والشيوخ على الاستمرار في النضوج.

إن الدور الأول التي يجب أن يركّز على القادة الذين يرغبون في رؤية الحركات هو الكرازة، أي الوصول إلى المجموعات الأولى من خلال الكرازة بالإنجيل. ولكن بمجرد أن تبدأ المجموعة وتتوسّع، يتحول التركيز الأكبر إلى تطوير فرق من القادة وتعيينهم ليشرفوا على المجموعات، وعلى تكتّل الكنائس. في المناطق الصغيرة، نحتاج أيضًا إلى فرق من الشيوخ يتم اختيارهم من بين شيوخ تكتّل الكنيسة. وبعض هؤلاء الشيوخ يحتاجون إلى يخدموا على المستوى الموالي الأوسع؛ نحن بحاجة إلى فرق من الشيوخ يشرفون كنيسة الجهة أيضًا وليس فقط المدينة. هذه السلسلة من الفرق المترابطة من الشيوخ تشكل البنية الحيوية لنظام الكنيسة التي تستمر في التوسّع. إذا أردنا الوصول إلى الحركات، وإذا أردنا رؤية هذه الحركات تتكاثر، فنحن بحاجة إلى مواصلة العمل على تطوير فرق من الشيوخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *